لقد حقَّق الله تعالى لِنبيِّه وصفْوة خَلْقه النصرَ المبين، دون حرْب وقتال، ومواجهةِ تلك البقاع من اليهود والنصارى، ودون غدْرٍ ولا خيانة منهم، وعامَلَهم بما يستحقُّونه على هُدَى الله ووحيه، ولم يُكرهْهم على الدخول في الدِّين، بل قَبِل منهم الجزية وأقرَّهم آمنين، ومَن غَدَر وخان نال عقوبتَه دون هوادة ولا تقصير؛ ليكونَ عِبرةً للمعتبِرين.
فلما مات فعلا به ذلك، فإذا ركب من أهل فيهم ، فسأل: « ما هذا؟»، قيل جنازة أبي ذر، فبكى ابن مسعود، وتذكر قول النبي محمد: «يرحم الله أبا ذر، يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده».