عن عبد الله بن أبي مليكة قال: حدثتني خالتي فاطمة بنت أبي حبيش قالت: أتيت عائشة فقلت لها: يا أم المؤمنين قد خشيت أن لا يكون لي حظ في الإسلام، وأن أكون من أهل النار، أمكث ما شاء الله من يوم أستحاض فلا أصلي لله عز وجل صلاة، قالت: اجلسي حتى يجيء النبي صلى الله عليه وسلم، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم قالت: يا رسول الله هذه فاطمة بنت أبي حبيش تخشى أن لا يكون لها حظ في الإسلام وأن تكون من أهل النار تمكث ما شاء الله من يوم تستحاض فلا تصلي لله عز وجل صلاة فقال: مري فاطمة بنت أبي حبيش فلتمسك كل شهر عدد أيام أقرائها، ثم تغتسل وتحتشي وتستثفر، وتنظف، ثم تطهر عند كل صلاة وتصلي، فإنما ذلك ركضة من الشيطان، أو عرق انقطع، أو داء عرض لها ، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يقصر علة الاستحاضة في نطاق السبب العضوي فقط، وهو انقطاع عرق في الرحم، أو في سبب طبيعي كداء عرض لها، وهما علتان بحاجة إلى التطبيب، ولكن أشار إلى أول سبب هو ركضة من الشيطان، ليلفت انتباهنا إلى أهمية دور الشيطان في إحداث الأمراض، وأنه السبب الرئيسي الذي يجب أن ندركه قبل أن نهتم بغيره، فهو لم ينكر العلة العضوية فقال: أو عرق انقطع ، ولم ينكر وجود الداء فقال: أو داء عرض لها ، وكذلك لم يهمل عمل الشيطان من باب أولى، فذكر أول ما ذكر عمل الشيطان بل وأكد على ذلك بكلمة فإنما فقال: فإنما ذلك ركضة من الشيطان ، ثم أردف بعد ذلك العلل الأخرى، وليس كما يتجاهل الأطباء دور الشيطان، ويستنكرون دوره في حدوث الأمراض العضوية طالما جهلوا به، فهم يجزرون ثوابت الدين بجهلهم بتفاصيلها، فعند التعامل مع أي مرض عضوي وبعد تشخيصه من قبل الطبيب المختص يجب أن نضع في اعتبارنا صلة هذا المرض بالجن، فالأمراض من حيث صلتها بالجن تنقسم إلى عدة حالات:.