وهذا ما يجعلني أتساءل، من منا يضم الآخر؟ هل الوطن هو ما يضمنا أم نحن من نضمه؟ هل الوطن هو ما يحمينا أم نحن من نحميه؟ إنه حب متبادل، مشاعر مشتركة، فالوطن يضمنا جميعًا على أرضه ويحمينا تحت جناحيه، ونحن في أحضانه نضمه ونحميه بما أوتينا من قوة، وندين له بأسمى معاني الفضل والعرفان، ونقول في حبه: وطني الذي رُبِّيتُ تحت سمائه ووهبتهُ فني نجومَ سمائِه ورضعتُ من أزهاره وسكرتُ من أسماره وشربتُ من أضوائه من ليس بَعدِ له سوى حِّبي له حبَّاً تشرَّد كاليتيمِ التائه من عنده الخبزُ القفارُ ولائمٌ وولائمُ الأرواح ملءُ رُوائهِ من طالما غنيتُ في أفيائه بروءاي حين سجنتُ في أفيائه الخاتمة: مهما فعلنا لا نفيك حقك يا وطني لو عشنا العمر عمرين نتغنى لك، بالشعر والكلمات، لا نفيك حقك يا وطن، ولو ابتعدنا سنوات وأميالًا، سيظل حبك في العروق مختلطًا بدمائنا، متمكنًا في نفوسنا، عميقًا بين أضلعنا، وإن نحن ظننا للحظة أننا قد زهدناك، فوالله نبيع أرواحنا ولا نشتري إلاك، فحبك مزروع في أرواحنا، وهو واجب على كل فرد غيور يعيش على أرضه، ويُرزق من خيراته، وينعم بأمانه، فلا بدّ لنا أن نسأل الله أن يديم علينا نعمة الوطن، وأن يحفظه لنا من كل شر، وأن نراه في أعلى المراتب بسواعد أبنائه المخلصين.